الخميس، 25 أغسطس 2011

تأملات على ضفاف الإحسان بالوالدين


تأملات على ضفاف الإحسان بالوالدين
حثنا الدين الحنيف ومنذ بداياته و سنينه الأولى على جملة من الأخلاقيات والسلوكيات وحاول تأصيلها في نفوس المسلمين وجعلها من سجاياهم وما يميزهم عن باقي الأمم فمنها ما ذكره في القرآن الكريم ومنها ما سنه الرسول الأمين - صلى الله عليه واله وسلم - ولعلنا اليوم نوفق للوقوف في لحظة تأمل في آية 

كريمة وردت أربع مرات في الذكر الحكيم ألا وهي( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) وفي كل مرة تأتي هذه الجملة القرآنية بعد الأمر بتوحيد الله والعبودية له وعدم الشرك به – عز و جل -  سبحانه  فيا ترى ما هذا السر الذي يخفيه في تلك الكلمتين أن جعلهما بعد أهم ركيزة من ركائز الأديان السماوية جمعاء فهو سبحانه في كل رسالة ومع كل نبي يطلق الأمر الأول للبشرية وهو ( اعبدوا الله ) وفيما يخص موضوع بحثنا هذا رأيناه في السور الأربعة (  الإسراء  والنساء والإنعام والبقرة يضع بعد أمر العبادة له والتنزيه من الشرك أن قال ((وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً)) غير إننا لم نصل بإدراكنا القاصر عن معرفة ما سر ذكر هذه الجملة أربع مرات لأنه وكما تعلم إن الأعداد في القران لها فلسفة خاصة ولها سر خاص  ولعل تلك الأسرار هي مدعاة للتأمل في القران وهو ما يوصي به الله ورسوله صلى الله عليه واله وسلم .
في هذه السطور المتواضعة نخط تأملات في نص قراني لا على سبيل الإثبات والحجية وإنما هي محاولة لتسليط الضوء على توجيه قراني لخلق نبيل وتوصيه ألاهية هي غاية في الرقي والإنسانية وقد تولدت هذه الأفكار لدينا من مطالعة هنا وسماع لمتحدث من الثقات هناك لأناس هم محط ثقة ومحل تدبر وتأمل ومقدرة علمية على  فهم النص واستخراج درره الكامنة .
والقارئ للقرآن يلاحظ إن تكرار هذه الجملة (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) وردت على نفس التركيبة اللغوية وهذا ما يعطي انطباعاً بان هنالك سر لا بل أسرار ولعل أول أسراره هو ما بدأ به وهو حرف الباء وهو كما يقول اللغويين للإلصاق أي العمل بالمباشرة وهو يوحي بمعني أن إتيان الإحسان يكون للوالدين بالمباشرة من الولد إلى الوالد بيده ومباشرة  لا عن طريق واسطة وهذه حكمة ينبغي التأمل عندها كثيرا لما لها من اثر تربوي ونفسي وعاطفي بحت .
كذلك سبحانه وتعالى قال بالوالدين ولم يقل بالأبوين وذلك لان تعبير الأب قد يرد على العم بمعنى الأب وذلك ما تجده في قصة النبي إبراهيم عليه وعلى نبينا واله الصلاة والسلام حيث قال (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ) وهو عمه وكذلك يطلق الأب على المعلم والمرشد وذلك فيما روي عن النبي في حديث معناه يا علي أنا وأنت أبوا هذه ألأمة  .
ثم انه سبحانه قال إحساناً ولم يقل إنفاقاً وذلك لعله  يريد الإحسان في كل شيء كذلك سبحانه وتعالى قال إحساناً ولم يسبقها بالعدل كما في آيات عديدات وذلك لان العدل والإحسان إنما يكون بين الناس فيما بينهم أما ما أراده فهو الإحسان من الولد والبذل بكل شيء من طرف الابن على الوالدين وهنالك نكته أخرى فسبحانه وتعالى قال (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) ولم يقل (وَبِالْوَالِدَيْنِ المؤمنين  إِحْسَاناً) لأنه سبحانه وتعالى يريد الإحسان للوالدين في كل الظروف وتحت كل العناوين والمعطيات كذلك هو لم يحدده بوقت ليوطأ عملية الصدقة الجارية وهي الصدقة المستمرة بعد الموت لهذا لم يحددها بوقت ولا كمية أعطاه لفضاً مطلقا ليبين إطلاق الإحسان في كل شي وتحت أي شيء كذلك ثم إن الإحسان في القران الكريم ورد ولكن تحت عنوان {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ }
وبعد كل ما قدمناه هنالك دعوة للتأمل فالله سبحانه وتعالى حث في تلك المواضع التي دللنا عليها على الإحسان للوالدين ونراه يحذر الوالد من عدم الاغترار والتشبث بالولد ليكون الحب لله وحده فمرة يقول {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } وأخرى يقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }فتأمل 
نشرت في صوت المثنى 

0 التعليقات :

إرسال تعليق