الأربعاء، 17 أغسطس 2011

دروس من شجرة راكعة


دروس من شجرة راكعة
قد تملك هذه الشجرة العجيبة في شكلها مالا يملكه البعض ممن من الله عليهم بكثير نعمه وأغدق عليهم من لطائف كرمه فقد انحنت إجلالاَ وتعظيما لربها الواحد الأحد وأكاد أكون موقنا من إنها تقول في ركوعها سبحان الله السبّوح القدوس ربي رب الملائكة والروح بينما نجد هنالك من بني البشر الكثير ممن يفتقر لتلك الحرية المطلقة حرية العبودية لله 



عز وجل وقد يقول البعض إن العبودية والحرية هما نقيضين فكيف تكون العبودية حرية  فلا شك هنا من تناقض الكلمات وجوابه لعله في جمله واحدة هي انه من يستعبدك فهو على سبيل تبادل منفعة بين المالك والمملوك فأنت تعطي لتأخذ وهو كذلك ولكنك حينما تكون عبدا لله الواحد الأحد فان الله ليس بمحتاج لعبادتك وعملك وتلك هي الحرية المطلقة .
قد آلت تلك الشجرة الراكعة أن تعطي الدروس وتلهم العبر وتذكر البشر فان الذكرى تنفع المؤمنين فهي امتثلت لربها إذ قال  {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ }الرحمن6 , وساقت لنا البرهان اذ حكت حال الآية الكريمة حين قال عز وجل  {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ }الحج18 , وحين أشاهد مثل تلك المناظر التي تبعث النفس على الخشوع لربها الجليل يسك مسامعي حديث يروى عن الإمام الصادق من آل محمد صلوات الله عليه حيث يقول لا تنال شفاعتنا مستخف بصلاته وهذا الحديث يريد أن يربي الأمة على تعلم روح الصلاة لا فعل الصلاة فإنها ليست مجموعة حركات رياضية ولا كلمات اعتاد اللسان على ترديدها وإتيانها بأوقات هي على المؤمنين كتابا موقوتا فان روح الصلاة تتمثل في حضور الإنسان وما يملك من جوارح في صلاته فلا ذهن مشتت ولا أفكار تجول في الذاكرة ولا همزات و لمزات فعلى الإنسان أن يحترم صلاته ويتذكر من حين قوله الله اكبر في تكبيرة الإحرام انه يقف الآن بين يدي الله الذي هو جبار السماوات والأرض متخذا لزينته لان الله قال خذوا زينتكم عند كل مسجد متذللا في وقفته لا تعلوا وجهه إلا الذلة والمسكنة لان بين يدي رب العزة والجلال كذلك على المصلي أن يعمل بروح الصلاة فان القرآن الكريم ذكر لنا جملة من تلك الأمور فقال إن الصلاة تأمر بالمعروف وتنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي وقد تضافرت الروايات على انه لا خير في صلاة عبد لا تنهاه صلاته عن المنكر ولا تأمره بالمعروف وهذا يخص المصلين وأما الجانب المظلم الأكثر ظلمتا فهو من يترك الصلاة وهذا البلاء الأعظم والمصيبة الكبرى فقد ورد في الأحاديث الطاهرة عن النبي صلى الله عليه واله وسلم انه قال : « يقول الكلب : الحمد للهّ الذي خلقني كلباً ولم يخلقني خنزيراً ، ويقول الخنزير : الحمد لله الذي خلقني خنزيراً ولمِ يخلقني كافراً ، ويقول الكافر : الحمد لله الذي خلقني كافراً ولم يجعلني منافقا ، والمنافق يقول : الحمد لله الذي خلقني منافقاً ولم يخلقني تارك الصلاة » , ولعله هذا الحديث بالذات يدعو إلى الكثير من التأمل والتدبر وكذلك بقية الأحاديث الوارد عن النبي الأكرم ومنها « من ترك الصلاة ثلاثة أيام فإذا مات لا يغسّل ولا يكفّن ولا يدفن في قبور المسلمين » .
وقد ورد عن أهل البيت عليهم السلام من انه المبتسم في وجه تارك الصلاة كمن  هدم الكعبة الشريفة  وهذا الحديث يدعو إلى تأمل أكثر لأنه تكلم عن  من يبتسم في وجه تارك الصلاة ولم يذكر في كلامه  من فعل الفعل ولا شك لأنه إن وصف حال هذا فانه يعطيك انطباعاً عن مكانة ومقام الآخر وهو ما يدعوك إلى التأمل  أكثر فيما يكون مصير الفاعل الأصلي لتلك الفعلة التي لا شك في أنها مما يغضب الجليل وينزل المرء منزلاً لا يحسد عليه .
فيا أيتها الشجرة المباركة أي الدروس أردتي أن نتعلم وأي فكر أردتي أن نتبنى وأنت تركعين بكل خشوع وخضوع لمن خلق السماوات العلا لاشك في فعلك هذا قلتي لعلهم يعقلون والى ربهم يرجعون 
نشر في صوت المثنى

2 التعليقات :

FanTasTIC_FaNaTIC يقول...

السلام عليكم
آثار الخشب تدل على انه تم نحتها لتظهر بهذا الشكل
و لكن لا نفقه تسبيحهم.... و ركوعهم

غير معرف يقول...

السلام عليكم
سلمكم الله يا استاذ جابر وادام قلمكم النابض المعطاء الذي لا يكل ولا يمل ب
كلمات فصيحة وعميقة المعنى تمتع قارئها وتطرب اسماعه وترضي كل الاذواق .
ملكوت السما

إرسال تعليق