السبت، 4 أبريل 2015

دوائر هادئة

دوائر هادئة
علي حسين الجابري
دوائر هادئة تتداخل فيما بينها تارة وتفترق أخرى...  تتوسع ,  تكبر,  تتناسل وتنشطر تبعاً لقوة ما يرمي هو في عمق البركة التي يجلس على جانبها ... روافد خديه تكاد تزيد من اتساعها وصمت يخيم فوق كل الانفعالات ما خلى رمي الحجر في تلك البركة التي خلفتها احدى مشاكل الخدمات في بلد الميزانيات الانفجارية .

مدينة صغيرة تكاد تضيق به وبأحزانه ... لا يعرف من اين ينبع هذا الكم من الدموع ؟!!! وكيف يسيل ولا يترك اثر حرقة او ايشان كما ترك في قلبه الصغير المعتصر بالالم ؟ .
 يتذكر لحظات كان الجمال والحب يسكنان روحه وكيف كان طعم لقاء الأهل والأصحاب على سفح جبل يمتلك هو ألان مثله من الهموم والاحزان , فالابتسامة التي لم يعرف غيرها  لا يعرفها الان ... والثرثرة التي كان يوبخه الكل عليها..  استحالة الى صمت رهيب وأصبح الكلام أمنية تضاف إلى أماني أهله او من تبقى منهم .
كل يوم وانا أراقب هذا الفتى الذي لم يبلغ الحلم فاجلس قبالته وهو يمارس بلا كلل مصافحة الماء بحصيات صغيرة ولكني قررت ان اخترق عزلته واجلس جنبه فجلست ولم اسلم لاخترق الجو الذي كان يعيشه فرميت بحصاتي وجه البركة كما يفعل ونضرت اليه مبادراً : هل تحب هذه اللعبة ؟ أومأ برأسه لا ولم يكلمني فرميت اخرى وقلت : انظر الى هذه إنها تصنع دوائر اكبر من التي رميتها انت ؟ وقد فشلت مرة اخرى في كسر حاجب الصمت .
رن هاتفي وكان ينشد في رنته ... موطني موطني
الشباب لم يكن .... همهم ان تستقل
او يبيد .... لا نريد .... ان نكون للعدى كالعبيد
وقبل ان أجيب فرت من محاجره دمعات  لم يكن ليستطع ردها او تلافي نزولها مهما حاول مرتبكا اما انا فقد أرخيت لدموعه محاجري لأني لم استطع معها صبرا 
قال : اعرف انك تراقبني منذ فترة   فلماذا ؟
-         لم أكن لأؤذيك فأنت بعمر ولدي تقريبا
قال : اذن ماذا تريد مني ؟
-         ما الخبر ؟ ما هذا الحزن الذي في عينيك يا ولدي  ؟
قال : هو من موطني فقد أعطيته أبي وأخي وحتى كراس رسوماتي وكتبي وها انا بينكم امشي وجرحي تجاوز عمري
-         من اين انت يا ولدي ؟
قال :من العراق وليس من مكان سوى العراق ... وضع عينه بعيني وقال : لي اليك حاجة فهل انت لتلبيتها من المستعدين ؟
- لبيك .... قل ما تشاء
 قال : لا اعرف طريق مؤدية الى النهر فلدي امانة اريده ان يوصلها
فمشينا ولكن كان الجبال على اكتافنا فهو قدماه متثاقلة يجرها من فوق الارض جرا وقفنا على كتف الفرات فاخرج من جيبه رسالة مطوية وزجاجة فارغة وضعها فيها واحكم الاغلاق بشدة وقذفها بكل قوته ...
- ما هذا هل لي ان اعرف ان كنت ترغب باخباري ؟
قال :قال بما اني أوصلت أمانتي ورسالتي وكنت السبب في إيصالها سأقول لك ... كان ابي قبل ان يدخل الغربان بلدي يقص لنا انا واخوتي في كل ليلة شيء من سيرة المصطفى محمد صل الله عليه واله وسلم وفي تلك القصص كانت سلوتنا وقد فقدت ابي فكنت اسلي نفسي بقول ان النبي صل الله عليه واله كان يتيما فقررت ان اكتب لمقامه رسالة ابث فيها حزني وشكواي الى الله والى رسول الله وهي عبارة عن سطرين لا ثالث لهما في السطر الاول كتبت قوله تعالى : (( ألم يجدك يتيماُ فأوى )) وفي السطر الثاني قلت :  يا رسول الله قتلوا ابي لانه يحبك فلا تفجعني اكثر وارجعني لاعيش في بيتي لاعيش ذكراه واشم ريحه .
وانا اعلم يا عماه انه سيقرأها لانه يسمع ويرى فهو المصطفى والقيتها في النهر لكي لا يعرف احد بشأنها او محتواها وقد اخبرتك لاني كلس يقين بانه قرأها فبل ان احكي لك .


0 التعليقات :

إرسال تعليق