الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

نقله جديدة في الحوار بين المذاهب الإسلامية ودراما تحقق ثورة في الاطلاع على تاريخ الأمة

للحوار بين الفرقاء في المذهب صولات وصولات من الصدر الأول للإسلام ورب سائل يسأل كيف ؟ فعليه أن يراجع التاريخ الذي تحدث عن حواريات جرت بين شخصيات مهمة من الطراز الأول وبين بني هاشم وخاصة علي - عليه السلام - والمقربين منه فكانت دائما ما تنتهي بإظهار الحجج والأدلة الدامغة ومنها ما دار بين الخليفة الثاني وابن عباس والتي انتهت بان اظهر الأخير أحقية أمير المؤمنين علي - عليه السلام – بالخلافة في قصة معروفة  .

واستمر الحال على هذا المنوال إلى عصور اتسعت فيها دولة لا اله الا الله محمد رسول الله فأصبحت تلك الحوارات تدور عبر مراسلات وجلسات بين العلماء من الطرفين تكتب فيها الكتب وتؤلف فيها المجلدات ولعل أخرها ما نُقل لنا من حواريات ( ليالي بيشاور ) التي دارت بين السيد محمد الموسوي الشيرازي وعدد من علماء اجتمع معهم في ليالي مبيته أثناء سفره إلى مشهد المقدسة وأما الكتاب الثاني فهو (المراجعات ) فكان بطريقة أخرى هي مراسلات بين السيد شرف الدين واحد أعلام الأزهر الشريف فكانت غاية في النبل والاحترام بل تعد من درر ما قيل في هذا الصدد .
اليوم في عصر سادت فيه لغة الالكترونيات ووسائل الاتصال الحديث ولعل الفضائيات من ابرز سمات هذا العصر فان الحواريات العقائدية بدأت تأخذ لون آخر وتتماشى مع هذا التقدم ولعل الذكي من يحاول استثمار إدمان العائلة العربية على الجلوس أمام تلك الشاشة الصغيرة والإنصات لما تعرضه بكل الجوارح فولدت طريقة جديدة لإقامة حوار من نوع جديد هو عرض دراما تلفزيونية قادرة على إيصال المعلومة ولها الكفاءة على الرسوخ في الذهن يتابعها الكبير والصغير العالم والجاهل وينتظرها بشغف كل محبي الشاشة الصغيرة ولعل بعضهم من هرول الى الانترنت ليبحث عن الأحداث القادمة لأنه وببساطة لا قدرة له على الصبر للحلقة القادمة من هنا نعرج على تلك التجربة التي عرضتها مسلسل المختار الثقفي ذلك البطل العربي الذي ولد من رحم طاهر وصلب شامخ وان حاول الكثير ممن يتسولون على موائد آل أبي سفيان فيشترون منهم أقلامهم فباعوا أخرتهم بالأرذل الأدنى لعل اختيار المختار بالذات لان تلك الشخصية مثيرة للجدل والفترة الزمنية مقاربة لحياة أهل الكساء الأطهار فان تلك الفترة شهدت تغييب وتزييف للحقائق والمختار معاصر بل أكثر فان الراويات تقول بان المختار كان طفلا يجلسه أمير المؤمنين على فخذه ويقول له ماسحا بيده المباركة على رأسه يا كيس يا كيس و  حملت لنا بطون الكتب إن أمير المؤمنين قال ما مضمونه  إن في هذا الطفل مرهم لجراحات أهل البيت ويمكن أن نستشف هذا من خلال حكمة الله عز وجل إذ غيبه في سجون الطغاة فحرم من مشاركة الحسين  -عليه السلام -في فتح ألطف ألملكوتي وخرج ليحمل قبس من نور أهل البيت بيده وبالأخرى سيف يقطع رقاب كل من شارك بقتل أهل البيت وأنصارهم  فكان المنتقم الكرار  لدماء الأولياء  وهذا هو ما جعل  أقلامهم المشوبة بأموال آل أميه تنهش لحم المختار وقيامه المقدس ضد الظلم فقالوا لم يحظى بتأييد الإمام زين العابدين  - عليه السلام - ووصفوه بالكذاب والمخادع والمتعطش للسلطة ولكن فرسان الكلمة لهم سطوة فبرز السيد أبو القاسم الخوئي (قد) ليحقق في الروايات فأحق الحق وأبطل الباطل فصنف الروايات التي نالت من المختار في الضعيف والمكذوب وأما المادحة له والتي تروى عن الإمام زين العابدين عليه السلام وعن عمه ابن الحنفية فهي من ذوات الأسانيد الجياد والصحيحة فبهت أصحاب الكيد وارجع سهمهم الى نحورهم خاسئين .
ومن مناقشة عقلية يمكن الجزم بنتيجتها لصالح المختار فلو أخذنا بنظر الاعتبار ان كل دعوات أهل البيت على أعدائهم طبقت على يد المختار وكأنه وجد لتطبيق العدالة اللاهية والعقوبة الدنيوية لمن ظلم أهل البيت في كربلاء فلو سمعت معي صوت الحسين -عليه السلام - وهو يقول لعمر بن سعد ساعة استشهاد علي الأكبر - عليه السلام -  قال له يا عمر قطع الله رحمك وسلط عليك من يذبحك في فراشك -انتهى قول الإمام-  هنا تدبر من كان مطبق تلك الدعوة ومن المدبر لها وكيف نال بن سعد جزاءه في الدنيا هو وابنه وهنالك شاهد آخر هو دعوة الإمام زين العابدين على حرملة الاسدي الذي قال فيه اللهم أذقه حر الحديد والنار فما كان إلا ان تحققت دعوة الإمام فأذاقه المختار حر الحديد والنار فما ان سمع المختار بان تلك دعوة الامام خر لله ساجدا يحمده ان جعله من يقتص من هؤلاء ويحقق دعوة الإمام ان هاتين الحالتان وغيرهما لهما خير شاهد ودليل على ان المختار حظي بتأييد الله وأهل بيت رسول الله وإلا ما تفسيرك لاختياره من قبل الله لهذه المهمة وكم من مرة خرج المختار من يد الطغاة قبل ان يقوم بقيامه المقدس كل هذا تسديد من الباري لينال عاقري ناقة صالح جزاءهم على يد ولي من أولياء الله فسلام عليه يوم ولد ويم استشهد ويوم يبعث حيا
وبعيدا حال شخصية المختار في التاريخ فان المسلسل امتاز بإخراج أكثر من رائع وقد ملك قلوب المتابعين وهو يقول في بدايته انه اخذ النصوص من كتب أهل العامة وهذا المبدأ الأول في إقامة الحوارات البناءة وهو أصل من أصول الاحتجاج انه تأتي  بما عند الذي يخالفك وأما الطرف الأخر للحوار فقد اخرج لنا مسلسل يعرض لحياة الإمامين الحسنين عليهما السلام رغم حذف اسم معاوية من اسم المسلسل في الفترة الأخيرة وقبل عرضه لأنهم أحسوا بان سيكون لاسم معاوية والحسنان صدى لا يرغبون به فحذفوه وابقوا على تمجيده وتعظيمه وإظهاره بمظهر العابد المتهجد العالم الخائف على مصائر المسلمين والمطالب بدم الخليفة المظلوم ورغم كل الزيف الذي دار في المسلسل ورغم كل الأحداث التي ما انزل الله بها من سلطان لم يتخلوا عن كذبهم فلشخصية عبد الله بن سبأ الصدى الواسع وهي شخصية يقول الكثير من علماء الرجال إنها لا وجود لها ولو فرضنا جدلا وجودها فان ما أتت به المسلسل بحسب المتابعين لها – ولست احدهم – بان لها السطوة والصولة وهي تطعن حتى في الصحابة المقربين من الرسول صلى الله عليه واله وسلم وهذا ما لا أريد أن أقول مقصود منهم ولم يشهد المسلسل عرض لأي من مصدر مصادر الشيعة رغم انه يتحدث عن أئمتهم 
ولم يكتفوا ان يكذبوا بالماضي وفي التاريخ كله بل وصل بهم الأمر أن كذبوا على الأمة بان قالوا على فضائية عربية في سهرة خصصت للمسلسل قبل رمضان وهي فضائية الرأي الكويتية وانا بنفسي سمعت ذلك قالوا بأنهم حصلوا على موافقة المرجعية في النجف  الاشرف على المسلسل  وما لبثوا إلا ان سكت مسامعهم خطبة الجمعة من حرم الحسين -عليه السلام-  تكذب وتلقف ما يأفكون  فتحداهم الشيخ الكربلائي بان يأتوا بتهميش او ختم او موافقة شفهية كانت او تحريرية بل المرجعية تقف ضد إنتاج هذا المسلسل فان كانوا بهذا المستوى من الأمانة في الحاضر كيف نصدق بماضيهم لا ادري .
اليوم  أصبح الحكم للمشاهد عرضت عليه حواريتين احدهما من مصادر معتبرة وأخرى لا اعلم كيف وضعوها والإحداث تدور  بنفس الفترة الزمنية الا بفارق قليل والحكم له والعقل السليم عليه ان يرشد صاحبه .
اليوم بهذا المستوى نقل العصر الحوار من بطون الكتب وحلقات العلماء إلى كل المجتمع عبر التلفاز في سابق العصور كانت هذه الحواريات والاطلاع عليها حكرا على من يطلبها و الان وبعد تلك الدراما فتحت عين على التاريخ فترى أكثر الشباب تسأل عن مصائر إبطال  المسلسل وتتابع وكأنها لم تعتني يوما بتراثها ولم تطلع بيوم فتلك فائدة من جملة فوائد لذلك الإنتاج الساحر والدراما الشيقة .
نشر في جريدة صوت المثنى

0 التعليقات :

إرسال تعليق