الثلاثاء، 14 يوليو 2020

عناقيد الفراق – قصة قصيرة

عناقيد الفراق – قصة قصيرة

علي حسين الجابري



دفئ يخالط عطر مائز , ولمسات هي اقرب الى السحر من الواقع تشمها فاطمة , ذلك الم
زيج المبهر يكاد يملك انفاسها شعور يمتلئ غرابة , لا احد هنا سواها تفتح مقلتيها المتثاقلة بالحزن والنعاس تبصر هنا وهناك من اين هذا العطر الذي ملئني حتى الروح واحتلني وملئ كل جزء من روحي قبل رئتي ؟!, لكن .. لما انا لست قلقة؟ ! وما هذه السكينة التي حلت على مشاعري وقلبي ؟ ! احسست حتى بخصلات شعري تتحرك رغم ان التيار الكهربائي يمارس ذات العادة التي ولدت وانا اعرفها ,  لعبة الغش والاختفاء .

شيء ما يدعوها للخروج من غرفتها المزدحمة بالأجساد والاحلام والامنيات , حتى جدتها التي امضت سبعين عاماً لازالت تحلم وتمارس هذه اللعبة بلا ملل , نفسها هي الطمأنينة النفسية من دفعتها الى الخروج من ذلك الباب المتهالك والمغطى بقماش يمكن ان يشغل محل الاخشاب التي تأكلت منذ ايام الطفولة الاولى .

وبذلك الشعور توسطت دارها فزادت سكينتها حتى صارت راغبة في ان تطبق جفنيها , يفيقها صوت يهمس باسمها "فاطمة بنيتي " فتتسارع كل كريات الشوق الى قلبها الذي احس بشوق غامر وحب هادر بين حقيقة وخيال , " تعالي فقد طال الغياب ولم يعد للصبر مكان في قلبي " احست فاطمة كأنها ملقاة في حضن فقيدها فهي تسمع صوته الذي ترنم باسمها ولا ترى احد ولكنها اصرت ان تستمر في هذا الشعور الذي يجبر لألئ عينها على النزول بتراكم وحرقة تتملكها رعشة يختلط فيها الفرح بالخوف والبسمة بالحزن كمٌ من المشاعر غير المستقرة ولا المعروفة تهاجم قلب الصبية ذات السنوات العشر .

 تجمدت ساقيها ولم تستسلم لدعوى السقوط على الارض لكن دموعها سبقت كفها المرتعش لتشرب منها وتهتز وتربوا وتنبت عناقيد من شوق حارق ولهفة مضنية.

ابي اينك .. اين انت يا مهجتي ؟

سلام : هنا بنيتي اخفضي صوتك كي لا تفيقي الجميع ... تعالي فقد اشتقت الى عطر جيدك يا اميرتي وتعجلي فاني استأذنت في رؤياك رضوان.

فاطمة : رضوان من يا ابي ؟

سلام : لا عليك يا انسان عيني لا تفسدي زيارتي الاولى وضميني , دعيني اشبع منك لثماً وتقبيلاً .

فاطمة : كيف رحلت يا ابي ؟ وكيف تركتني ؟

سلام: لم اكن وحدي ولا تلك ارادتي , كنا في امن وامان , حتى غارت علينا الغربان ,  فلم يسلم منهم شجر ولا انسان , جمعونا ومنحونا صكوك الغفران , حملونا الى قصور تضج بدماء لمغدورين والعدوان , كنا نربو عن الفين , لم يرعو فينا ملة ولا دين , غدرونا بعد ان فرقونا فكان ابوك على جرف دجلة يحمل النوارس النائحة رسائل حب مضرجة بالوداع القسري لك ايتها الحبيبة , ومع صوت سلاح الجلاد تلقفتني ايدي الرحمة فلم احس بعدها بهوان .

يا فاطمة كنتِ واخيك كل ما ينغص عليَ النعيم يا بنيتي انا في عليين مع الصالحين فابتسمي وافتخري لأنك ابنة الشهيد .

فاطمة .. فاطمة   ... نعم يا جدتي , اين انت يا بقية الفؤاد ؟

هنا يا جدتي .. قد ظمئت فارتويت بحمد منه ومنة.  

قصة قصيرة بعنوان عناقيد الفراق  هدية متواضعة لأرواح شهداء سبايكر 1700

25-5-2020


1 التعليقات :

Unknown يقول...

جميل جيد في محاكاة الماساة من مصاديق روح النص ان يندمج المتلقي بروح النص المكتنزة خلف حكايا السرد
تجربة مميزه لك استاذ علي
بعض الملاحظات كان ينبغي ان لاتسير لرضوانبالاسم لانك ابعدت المفاجاه واظهرت ان المتكلم ميت
كأن تقول امهلني من بيده الامر
بداية القصه كانها من تهويمات زيد الشهيد
ونهاياتها اعاني البركات
يمكنني ان اشيد بتجربتك
تحتاج قراءه كثيره من كتب النقد والسرد

إرسال تعليق